تطو ر ال أرسمالية في ر وسي ا )في عملية تكو ن سوق داخلية للصناعة الكبيرة) فالديمير إيلتش لينين ترجمة: فو از ط اربلسي 1979 الطبعة األولى - تموز/يوليو دار الطليعة للطباعة والنشر - بيروت ترجم هذا الكتاب عن النسخة االنكليزية من مؤلفات لينين الكاملة الجزء الثالث الطبعة الثانية دار التقدم بموسكو 1964. 1
تقديم بين سجنه في سان بطرسبرغ ومنفاه السيبيري كر س لينين ثالث سنوات )1896-1898( لوضع تطور ال أرسمالية في روسيا. أما جهده الد ارسة والتنقيب فأقل ما يقال فيه أنه خارق. خالله اطلع لينين اطالع ومجموعة احصائية ومجلة ومقالة 2 الباحث الناقد على أكثر من باختصار كل من كتب عن االقتصاد الروسي. وكعادته لم يترك هذه المناسبة 500 بدون استغالل في عمله النضالي السري. فم ارسالته العديدة في السجن ألسرته ورفاقه طلبا للكتب والم ارجع كانت أيضا كتاب األكاديمية واجهة لم ارسالت بالحبر السري تتعلق بأوضاع الحلقات الماركسية المبتدئة تحت ارية عصبة النضال من أجل تحرر الطبقة العاملة التي كان لينين من مؤسسيها وقد اعتقل بتهمة االنتماء اليها. وحين صدر الكتاب في مطلع العام أوساط المعارضة الروسية. في 1899 عرف رواجا ملفتا في والحقيقة أن تطور ال أرسمالية في روسيا يشكل عالمة فارقة في الفكر الماركسي عموما وفي فكر لينين ومسار الثورة الروسية خصوصا. ولسنا نبالغ إذا قلنا انه أهم أثر ماركسي بعد أرس المال لماركس. ويعلن صدوره اختتام مرحلة بأكملها من تطور الماركسية في روسيا يمكن تسميتها المرحلة التأسيسية كان وجهها األبرز هو استكمال القطيعة مع العقيدة الشعبوية )النارودنية(. على امتداد الثمانينات من القرن الماضي كان الرعيل األول من الماركسيين وفي مقدمتهم غريغوري بليخانوف يؤكدون تمايزهم المستجد عن الشعبوية بالسجال ضد مفاهيمها الرئيسية: بعث المشاعة القروية الروسية )المير( ونظام التعاونيات المهنية التقليدية )اآلرتيل( واالنتقال بروسيا على قاعدتهما مباشرة لالشت اركية دون المرور ب شرور ال أرسمالية واالنطالق من أن الفالحين السواد األعظم للشعب الروسي هم محرك الثورة ضد القيصرية ومن أجل االشت اركية والقوة القائدة لها. في المقابل كان بليخانوف وزمالؤه عصبة تحرر العمل يشيرون إلى الوتائر السريعة لنمو ال أرسمالية والصناعة الكبيرة في روسيا والى تفكك المشاعة القروية ونمو التمايز الطبقي بين قلة من الفالحين األغنياء وكثرة من الفالحين المفقرين واألج ارء الز ارعيين. وكان الماركسيون يؤكدون على أن الطبقة العاملة السريعة النمو والمتمركزة والبادئة بالتململ والحركة هي القوة المرشحة لإلطاحة بالقيصرية وقيادة عملية بناء الحياة الجديدة. ولئن اكتفى رجاالت الرعيل الماركسي األول بمناوشة الشعبويين بواسطة المفاهيم الماركسية العامة فإن الرعيل الثاني وفي مقدمه لينين صمم على تسديد الضربة القاضية لألوهام الرومنطيقية للشعبويين. فيأخذ لينين على بليحانوف أنه يبحث عن أجوبة على األسئلة المحددة في التجلي المنطقي المبسط للحقيقة العامة في حين أن المطلوب هو صوغ األجوبة المحددة على السؤالين المحددين بل التحديين المحد دين اللذين تقذف بهما الشعبوية: هل تنطبق الماركسية على األوضاع الروسية وطالما أن تكو ن سوق داخلية هو مقياس حاسم لسيادة ال أرسمالية فهل تكونت مثل هذه السوق في روسيا على امتداد العقد األخير من القرن الماضي كر س لينين جهده الد ارسي والكتابي لإلجابة على هذين السؤالين-التحديين في عدد من الد ارسات وم ارجعات الكتب واألبحاث االقتصادية والمقاالت ومن أبرزها ما هم أصدقاء الشعب )1894( و في تشخيص الرومانسية االقتصادية )1897(. وكان تطور ال أرسمالية في روسيا )وعنوانه الفرعي: في عملية تكو ن سوق داخلية للصناعة الكبيرة بمثابة تتويج لهذا الجهد. والواقع أن هذا األثر النظري يحتوي بشكل جنيني على المنهج والمفاهيم األساسية التي سوف تتميز بها اللينينية بما هي هذا التطوير الخالق لنظرية ماركس وانغلز من أجل مواجهة تحديات المجتمعات غير األوروبية. وهو يقول في ذلك الوقت تقريبا: لسنا نعتبر ان نظرية ماركس كاملة وغير قابلة للمس. بل أننا بالعكس تماما مقتنعون بأنها اكتفت بإرساء حجر ال ازوية لعلم ينبغي على االشت اركيين تطويره بكافة االتجاهات اذا هم ا اردوا ان يماشوا الحياة. ونعتقد ان البلورة المستقلة لنظرية ماركس أمر جوهري بالنسبة لالشت اركيين الروس بنوع خاص ألن هذه النظرية تقد م المبادئ العامة المرشدة فقط التي تختلف في التطبيق
العملي المخصوص في بريطانيا عنها في فرنسا وفي فرنسا عنها في ألمانيا كما تختلف في ألمانيا عنها في روسيا الكاملة المجلد 4 ص - 211. 212 المؤلفات وان تطوير هذا العلم يعني االنتقال من المفاهيم )الحقائق( العامة إلى البلورة المستقلة للمفاهيم المحددة المفاهيم التي تقوم عليها نظرية تطور المجتمع الروسي نظرية الثورة الروسية. ولذا فان الوجه اآلخر لسجال لينين ضد األوهام الشعبوية هو سجاله ضد التيا ارت الماركسية التي تعرقل عملية البلورة المستقلة هذه. ذلك أن الماركسية الشرعية لستروفه وجماعته هي األب الشرعي للنزعة االقتصادوية التي تنطلق من اثبات التطور ال أرسمالي إلى تبرير ال أرسمالية والتنظير لتبعية البروليتاريا لها. ان تطور ال أرسمالية في روسيا يرسي هنا أيضا حجر األساس ألحد ابرز المفاهيم اللينينية: الدور القيادي للطبقة العاملة في الثورة الوطنية الديمق ارطية والتواصل بين هذه الثورة والثورة االشت اركية. هذا النموذج الفذ للتحليل المحدد للواقع المحدد عند لينين يحتفظ بكل حيويته اآلن رغم مضي أكثر من ثالثة أرباع القرن عليه. فما أكثر الشعبويين المعاصرين الذين ينطلقون من رفض مآسي التحديث ال أرسمالي لالمبريالية لينتهوا الى تمجيد التخلف! وما أكثر المتنورين التحديثيين ورثة االقتصادويين الروس الذين ينتهون الى تبرير ال أرسمالية من شدة التوكيد غير الجدلي على تقدميتها أو الذين ينبهرون أمام ديمق ارطية وعقالنية الغرب فيتغافلون عن أن ال أرسمالية انما ولدت وسط الوحل والدم اللذين يرشحان من مسام بدنها من أرسها حتى أخمص قدميها )ماركس( وانها مستمرة بفعل استغالل االرقاء الجدد الذين هم بروليتاريا االقطار الصناعية وشعوب القا ارت الخاضعة لالمبريالية. ان لينين يساهم مباشرة في هذا السجال المعاصر! ويبقى ان نقول ان ترجمة تطور ال أرسمالية في روسيا اقتضت بعض التعديل. لعل تردد العديدين في نقل تطور ال أرسمالية الى العربية يكمن في هذا التهي ب امام الجفاف العلمي الذي يهيمن عليه بين تحليل نظري ألصعب المقوالت االقتصادية )كنظرية التحقق مثال( وتمحيص تفصيلي في جداول احصائية المتناهية. لذا فقد اقتضى األمر اج ارء عملية تحرير للنص تضعه في متناول أكبر عدد من الق ارء تتلخص في حذف عدد من األقسام والمقاطع التي تشكل االستط اردات السجالية واالستشهادات وثبت الم ارجع التي فقدت معناها اآلن أو هي تعالج احصائيات جزئية )مناطق معينة ز ارعات ومحاصيل معينة حرف وصناعات معينة( مغلبين االحصائيات الشاملة لروسيا ككل. وفي كل األحوال سعيت الى تخفيف النص دون افقاده القدرة على التعبير عن سعة البحث ودقة التشخيص والتحليل. أيار/مايو 1979 فواز ط اربلسي 3
مقدمة الطبعة األولى في هذا الكتاب عي ن المؤلف نفسه هدف البحث في مسألة كيفية تكو ن سوق محلية لل أرسمالية الروسية. وكما هو معلوم فالمسألة مثارة منذ زمن طويل من قبل الدعاة الرئيسيين لألفكار الشعبوية )وأبرزهم السيدان فورونتسوف ودانيالسون( ]1[. وستكون مهمتنا هنا تعريض هذه اآل ارء للنقد. ونرى أنه ال يمكن االكتفاء من هذا النقد بد ارسة االخطاء واألفكار المغلوطة في آ ارء خصومنا. ففي االجوبة على السؤال المطروح يبدو لي أنه ال يكفي اثبات الوقائع التي تشهد على نشوء وتطور سوق داخلية ذلك أن اعت ارضنا قد يثار بأن الوقائع مختارة اعتباطيا وبأنه جرى اغفال الوقائع المعاكسة. لذا بدت لنا ضرورة أن ندرس كامل عملية تطور ال أرسمالية في روسيا في محاولة لتصويرها بشمولها. وغني عن القول أن مثل هذه المهمة الضخمة تفوق قد ارت شخص بمفرده لوال ادخال عدد من التقييدات أولها وكما يشير العنوان نفسه اننا نعالج مسألة تطور روسيا في روسيا من منظار السوق الداخلية وحدها تاركين جانبا قضية السوق الخارجية والمعطيات المتعلقة بالتجارة الخارجية. ثانيا اننا سنقتصر في بحثنا على فترة ما بعد اإلصالح ]2[. ثالثا اننا سنعالج أساسا بل حص ار الى حد كبير المعطيات المتعلقة بالمقاطعات الداخلية اي المقاطعات الروسية المحض. اربعا سوف نقتصر على األوجه االقتصادي للعملية حص ار. ولكن الموضوع المتبقي يظل شاسعا جدا رغم كل هذه التقييدات. والمؤلف ال يغض الطرف اطالقا عن صعوبة بل خطورة معالجة مثل هذا الموضوع الشاسع. ولكن يخيل له أن توضيح مسألة السوق الداخلية لل أرسمالية الروسية يستوجب استظهار التشابك بين مختلف اوجه العملية الجارية في كافة ميادين االقتصاد االجتماعي. لهذا سنقتصر على د ارسة الممي ازت الرئيسية للعملية تاركين الد ارسة االكثر تدقيقا ألبحاث الحقة. ان تصميم كتابنا هو على الشكل التالي: سندرس في الفصل األول بأكبر قدر ممكن من اإليجاز األطروحات النظرية االساسية لالقتصاد السياسي المجرد حول مسألة السوق الداخلية لل أرسمالية. وستخدم هذه الد ارسة كمقدمة لباقي اج ازء الكتاب للقسم الوقائعي منه كما أنها سوف تعفينا من الحاجة الى اإلشا ارت المتكررة للنظرية في عرضنا الالحق. وسنسعى في الفصول الثالثة الالحقة إلى وصف التطور ال أرسمالي للز ارعة في روسيا بعد اإلصالح ففي الفصل الثاني تحديدا نعالج المعطيات االحصائية للزييمستوفات عن تمايز الفالحين. وفي الفصل الثالث المعطيات االحصائية عن الطابع االنتقالي القتصاد مال ك األ ارضي وعن استبدال اقتصاد السخرة باالقتصاد ال أرسمالي. ونعالج في الفصل ال اربع األشكال التي يكتسبها تكو ن الز ارعة التجارية وال أرسمالية. ونخصص الفصول الثالثة الالحقة ألشكال وم ارحل تطور ال أرسمالية في الصناعة الروسية. فالفصل الخامس يعالج األطوار االولى لل أرسمالية في الصناعة تحديدا في الصناعة الفالحية الصغيرة )المعروفة باسم الصناعية اليدوية (. ويحتوي الفصل السادس معطيات احصائية عن المانيفاتورة الر أسمالية والصناعة ال أرسمالية المنزلية والفصل السابع على معطيات عن تطور الصناعة اآللية الكبيرة. اما الفصل األخير )الثامن( فانه ينطوي على محاولة لتبيان ال اربط بين مختلف أوجه العملية الموصوفة وتقديم صورة اجمالية عنها. *** ملحوظة: يؤفنا جدا اننا لم نستطع ان نستفيد في هذا الكتاب من التحليل ال ارئع ل تطور الز ارعة في المجتمع ال أرسمالي الذي قام به كارل كاوتسكي في كتابه المسألة الز ارعية دييتز )1899.]3[ Die Agrarfrage )الجزء األول تطور الز ارعة في المجتمع ال أرسمالي شتوغ ارت 4
ان 5 هذا الكتاب )الذي تسلمته والقسم األكبر من كتابي الحالي قيد الطبع( يشكل بعد الجزء الثالث من أرس المال أجدر مساهمة في أدبنا االقتصادي المعاصر. يدرس كاوتسكي المختلفة في الز ارعة الحديثة بما هي االتجاهات األساسية للتطور ال أرسمالي في الز ارعة وهدفه تفحص الظواهر تجليات مخصوصة لظاهرة شاملة واحدة )المقدمة ص 6(. والجدير بالمالحظة هو مدى التطابق في السمات األساسية لهذه العملية الشاملة بين اوروبا الغربية وروسيا على الرغم من الخصوصيات الكبيرة لهذه االخيرة في المجالين االقتصادي وغير االقتصادي. فمثال تتميز الز ارعة ال أرسمالية الحديثة عموما بالقسمة المتدرجة للعمل وباستخدام اآللة وهي ظاهرة نالحظها في روسيا بعد االصالح ( ارجع الفصل الثالث القسمان 7 و 8 والفصل ال اربع وخاصة القسم 9(. ان عملية بلترة الفالحين ] 4 [ )عنوان الفصل الثامن في كتاب كاوتسكي( تتجلى اينما كان في توسع العمل المأجور بكافة اشكاله بين الفالحين الصغار )كاوتسكي الفصل الثامن(. ونلقي في روسيا ظاهرة مشابهة تتجلى في تكو ن طبقة كبيرة من العمال المأجورين المحاصصين )انظر الفصل الثامن من هذا الكتاب(. ان وجود الفالحين الصغار في كل مجتمع أرسمالي ال يعود الى التفوق التقني لإلنتاج الصغير في الز ارعة وانما الى كون صغار الفالحين يخفضون من مستوى متطلباتهم لما هو دون مستوى متطلبات العمال المأجورين ويرهقون انفسهم بالعمل اكثر منهم )كاوتسكي الفصل السادس معاشي افضل من الفالح الصغيير - روسيا )انظر الفصل الثاني القسم الظواهر بما هي يقول كاوتسكي تك ار ار في الصفحات. 11 العامل الز ارعي المأجور صاحب مستوى 317 320(. واننا نشاهد الظاهرة اياها في 11(. فطبيعي والحالة هذه أن يتفق الماركسيون الروس واألوروبيون في تقديرهم لمثل هذه استخدامات ز ارعية خارجية على حد التعبير الروسي او بما هي العمل الز ارعي المأجور للفالحين المهاجرين على حد تعبير االلمان )كاوتسكي ص 192 انظر في هذا الكتاب الفصل الثالث القسم 10( وأن يقوم التوافق حول ظاهرة كظاهرة هجرة العمال والفالحين من القرى إلى المدن والمعامل )كاوتسكي الفصل التاسع ( وحول انتقال الصناعة ال أرسمالية الكبيرة إلى األرياف )كاوتسكي ص 187 وفي هذا الكتاب الفصل ال اربع القسم 9(. ناهيك عن االعت ارف المشترك بالداللة التاريخية لل أرسمالية الز ارعية )كاوتسكي المصدر ذاته خاصة ص 298. 292 289 انظر في هذا الكتاب الفصل ال اربع القسم )كاوتسكي ص 9(. وعن االعتر اف المشترك بالطبيعة التقدمية للعالقات ال أرسمالية في الز ارعة بالمقارنة مع العالقات قبل ال أرسمالية ان طرد 382: des Gesrndes العامل الز ارعي وبين الم ازرع المستأجر الفالحين الذين العمال الز ارعيين والخدم التابعين شخصيا المياومين الذين هم رجال أح ارر خارج ساعات العمل يشكل تقدما اجتماعيا عظيما. القسم der Lastleute الواقعين بين يستأجرون األرض ويدفعون بواسطة العمل-الخدمة من قبل العمال 9(. ويجزم كاوتسكي بأن تبني المشاعة القروية ]5[ للز ارعة الحديثة الكبيرة حيث جماعية االنتاج اإلطالق )ص وانظر ايضا الفصل ال اربع من هذا الكتاب ام ار ليس واردا على 338( وبأن االقتصاديين الز ارعيين في اوروبا الغربية الذين يطالبون بتدعيم وتطوير المشاعة القروية ليسوا اشت اركيين على اإلطالق بل هم ممثلو مصالح كبار المالك العقاريين الذين يريدون تقييد العمال بتحصيص اال ارضي لهم وهو يسعون الى تكريس هذه االج ارءات في نصوص قانونية )ص 162( كما يجزم بأن كافة المحاوالت لمساعدة الفالح الصغير بإدخال الصناعة اليدوية ذلك الشكل األبشع لالستغالل ال أرسمالي- تنبغي محاربتها بكل قوة )ص 181(. واذا كنا مضطرين للتأكيد على االجماع في اآل ارء بين الماركسين االوروبيين الغربيين والروس فالن آخر محاوالت الناطقين باسم الشعبويين تسعى للتمييز الحاد بين مواقف الطرفين )انظر مداخلة السيد ف. فورنتسوف في 17 شباط/فب ارير 1899 امام جمعية تشجيع الصناعة والتجارة الروسيتين نوفويي فريميا ]األزمنة الحديثة[ العدد 19 8255 شباط/فب ارير 1899( ]6[. احاالت مقدمة الطبعة األولى ] 1 [-دانيالسون وفورونتسوف مفك ارن اقتصاديان يمثالن الشعبوية الليب ارلية. وكان دانيالسون أول من ترجم أرس المال لماركس إلى الروسية وأجرى م ارسلة مع انغلز الذي لم يكن يخفي اعجابه بنضال الشعبويين الروس ضد القيصرية. وقد سعى دون طائل إلى التوفيق بين الشعبويين والماركسيين عام 1892 في لقاء يعقد بحضوره في لندن. أما بصدد السجال النظري بين التيارين الفكريين
فقد استعاد انغلز موقف ماركس الذي لم ينكر بالمطلق امكانية انتقال الريف الروسي مباشرة من المشاعة القروية إلى الشيوعية لكنه رهن هذه االمكانية بقيام الثورة االشت اركية في اوروبا ال أرسمالية. أما بصدد مسألة السوق الداخلية لل أرسمالية فإن انغلز قد أكد في رسالة إلى دانيالسون عام - 1893 ان ال أرسمالية تتطور بخطى ثابتة في روسيا مؤكدا أن البلد يملك ما يكفي من السكان لنشوء سوق داخلية للصناعة الكبيرة ومتوقعا تفكك المشاعة القروية ونمو التمايز بين الفالحين )انظر بهذا الصدد ماركس انغلز حول روسيا ترجمة جورج ط اربشي دار الطليعة بيروت 1975 ص - 205 211(. ان لينين لم يعرف بهذه الرسالة في حينها واألرجح ان لم يعرف بها اطالقا. على انه في عام 1893 نفسه كان يصوغ د ارسته حول مسألة السوق ويؤكد فيها توقعات انغلز بواسطة األرقام المترجم-. ] 2 [-االصالح الفالحي للعام 1861 هو التشريع الذي الغى القنانة في روسيا. لكن السلطات القيصرية طبقته لمصلحة مالك اال ارضي االقطاعيين. صدر اإلصالح بعد تنامي حركة فالحية ضد االستغالل االقطاعي تميزت بعنف كبير. ومع انه كان اقطاعيا في بدايته إال أن زخم التطور ال أرسمالي في روسيا ما لبث ان اضفى عليه طابعا أرسماليا. وقد شكل هذا الصالح خطوة نحو تحويل روسيا إلى مملكة برجوازية المترجم- ] 3 [-في شباط/فب ارير او في مطلع آذار/مار 1899 تسل م لينين في المنفى نسخة عن المسألة الز ارعية لكارل كاوتسكي. ولما كان القسم االكبر من كتابه تطور ال أرسمالية قد بات قيد الطبع قرر اضافة هذه الملحوظة فوقعت في يد الرقابة القيصرية فعد لتها المترجم- ] 4 [-أي تحولهم إلى بروليتاريين باعتمادهم المت ازيد على العمل المأجور كمورد رزق رئيسي. ] 5 [-المشاعة القروية المير- في روسيا هي الشكل الجماعي الستثمار الفالحين لألرض الذي يتميز بالمناوبة االل ازمية بين المحاصيل )حفاظا على خصوبة التربة( وعدم تقسيم الغابات والم ارعي. ومن ابرز سماتها المسؤولية الجماعية للفالحين عن دفع استحقاقاتهم كاملة وفي الوقت المناسب وتقديم جملة من الخدمات للدولة وللمالك العقاريين واعادة توزيع األرض دوريا دون حق رفض الحصة الممنوحة ومنع التصرف بها )بيعا أو ش ارء او تأجي ار(. عرفت المشاعة القروية الروسية منذ األزمنة القديمة لكنها مع الوقت تحولت الى ركن اساسي لإلقطاعية. وقد استخدمها االسياد االقطاعيون والقياصرة لتكثيف االستغالل االقطاعي والستج ارر اموال االعتاق والض ارئب من الشعب. ولقد اشار لينين إلى ان المشاعة القروية ليست تعفي الفالح من التحول إلى بروليتاري والواقع أنها تشكل حاج از قرن أوسطيا يقسم الفالحين المقيدين بروابط و م ارتب فقدت كل مبر ارت وجودها. )المسألة الز ارعية في روسيا في نهاية القرن التاسع عشر األعمال الكاملة الطبعة االنكليزية المجلد 15(. ولقد اثارت مسألة المشاعة القروية محاججات حامية وكانت موضوع كتابات اقتصادية كثيرة. وقد ابدى الشعبويون اهتماما استثنائيا بالمشاعة القروية ف أروا فيها ضمانة تقدم روسيا نحو االشت اركية عبر طريق مميزة. وبواسطة االنحياز في جميع المعلومات وتزويرها وباستخدام ما يسمى المعدالت الوسطية سعى الشعبويون لإلثبات بأن الفالحين المشاعيين في روسيا يملكون نوعا من الصمود وبأن المشاعة القروية تحمي الفالحين من تغلغل العالقات ال أرسمالية إلى داخل القرية و تنقذ الفالح من الخ ارب ومن التمايز الطبقي. منذ ثمانيات القرن الماضي أوضح بليخانوف مبلغ التهافت في األوهام الشعبوية عن االشت اركية المشاعية. وفي العقد االخير من القرن اسدى لينين الضربة القاسية للنظريات الشعبوية. وقد استشهد لينين بكمية هائلة من المواد الوقائعية واإلحصائية ليبين كيف تنمو العالقات ال أرسمالية في القرية الروسية وكيف يؤدي أرس المال المتغلغل لداخل المشاعة القروية البطريركية إلى انشطار الفالحين إلى طبقتين الكوالكيون والفالحون الفق ارء. 6
في العام 1906 اصدر الوزير القيصري ستوليبين قانونا لصالح الكوالكيين يجيز للفالحين مغادرة المشاعة وبيع حصص االرض خاصتهم. وقد ارسى هذا التشريع االساس لإللغاء الرسمي لنظام المشاعة القروية كما ادى إلى تفاقم ظاهرة التمايز بين الفالحين. وفي غضون السنوات التسع التي اعقبت تنفيذ هذا القانون أقدم مليونان من االسر الفالحية على االنسحاب من المشاعات الناشر السوفييتي- ]6[- دار الحوار حول مداخلة بعنوان هل يمكن التوفيق بين الشعبوية والماركسية. ومما قاله السيد فورونتسوف ان الذين يمثلون التيار الحديث في الماركسية الغربية هم اقرب إلى الشعبويين الروس منهم إلى الماركسيين الروس المترجم-. 7
مقدمة الطبعة الثانية ]1[ - وضع هذا الكتاب في الفترة السابقة على الثورة الروسية خالل الهدنة القصيرة التي اعقبت اندالع االض اربات الكبيرة عامي 1895 1896. في ذلك الحين كانت حركة الطبقة العاملة كأنها النطالقة حركة التظاه ارت للعام 1901. تقوقعت على نفسها وأخذت تنتشر أفقيا وعموديا وتمهد الطريق ان تحليل النظام االقتصادي-االجتماعي وبالتالي تحليل البنية الطبقية لروسيا الوارد في هذا الكتاب والمعتمد على ابحاث اقتصادية ولعى تحليل نقدي لإلحصائيات قد تأكد اآلن بفضل النشاط السياسي المباشر لكافة الطبقات خالل مسار الثورة. فقد تجلى الدور القيادي للبروليتاريا تجليا كامال. كذلك اتضح ان قوة البروليتاريا في تحديد مسار التاريخ اضخم بما ال يقاس من نسبتها إلى مجموع السكان. والكتاب الحالي يبين االساس االقتصادي لهذه الظاهرة وتلك. وباإلضافة لذلك فان الثورة تكشف باط ارد الموقع المزدوج والدور المزدوج للفالحين. ان الترسبات ال ارسخة الجذور القتصاد السخرة وكافة مخلفات القنانة وما ي ارفقها من افقار لم يسبق له مثيل وخ ارب لفق ارء الفالحين كل هذه تفسر المصادر العميقة لثورية الحركة الفالحية والجذور العميقة للطابع الثوري للفالحين كمجموع. هذا من جهة. ومن جهة أخرى ففي سياق الثورة نجد ان طبيعة االح ازب السياسة المختلفة وتعدد االتجاهات االيديولوجية-السياسية يكشفان البنية الطبقية المتناقضة لجماهير الفالحين وطابعها البرجوازي الصغير كما يكشفان التناقض بين تيار المالك وتيار البروليتاريين داخلها. ان تذبذب الحرفي الصغير بين البرجوازية المعادية للثورة والبروليتاريا الثورية أمر حتمي بقدر ما هي حتمية تلك الظاهرة التي يعرفها كل مجتمع من المنتجين الصغار تصيب الثروة ان أرسمالي حيث اقلية صغيرة وتحتل مكانها تحت الشمس أي تتحول إلى برجوازية بينما الغالبية الساحقة تنهار اقتصاديا انهيا ار كامال وتتحول إلى جمع من االج ارء والمعوزين أو تعيش ابد الدهر على شفير الحياة البروليتارية. ان الد ارسة الحالية تكشف االساس االقتصادي لكل من هذين التيارين وسط الفالحين. هذا االساس االقتصادي للثورة في روسيا يجعل منها بالطبع ثورة برجوازية ح كما. هذه المقولة الماركسية غير قابلة للدحض إطالقا وذلك امر ال يجوز تناسيه أبدا بل ينبغي تطبيقه على كل القضايا االقتصادية والسياسية للثورة الروسية. غير انه ينبغي على المرء ان يجيد التطبيق. ذلك ان التحليل المحدد لموقع الطبقات المختلفة ومصالحها يجب أن يخدم كوسيلة لتعيين المعنى الدقيق لهذه الحقيقة عند تطبيقها على هذه القضية أو تلك. ان نمط التفكير المعاكس الذي نلقاه غالبا بين االشت اركيين الديمق ارطين اليمينيين برئاسة بليخانوف أي السعي للبحث عن أجوبة على االسئلة المحددة في التجلي المنطقي المبسط للحقيقة العامة حول الطابع االساسي للثورة ان هذا النمط من التفكير انما هو ابتذال للماركسية واسته ازء صريح بالمادية الجدلية. عن مثل هؤالء الذين يستخلصون من الحقيقة العامة عن طبيعة هذه الثورة الدور القيادي للبرجوازية في الثورة مثال أو ضرورة أن يمحض االشت اركيون تأييدهم لليب ارليين كان سيحلو لماركس أغلب الظن ان يكرر الكلمات نفسها التي استعارها ذات مرة من هايني: لقد زرعت أسنان التنين وما حصدت غير الب ارغيث ] 2 [. ا ازء هذا األساس االقتصادي ال ارهن للثورة الروسية يبرز اتجاهان للتطور ممكنان موضوعيا: إما أن يستمر اقتصاد المال ك العقاريين القديم المرتبط بالقنانة بألف قيد وقيد ويتحول ببطء إلى اقتصاد أرسمالي صاف إلى اقتصاد يونكري ] 3 [ وتكون قاعدة االنتقال النهائي من العمل-الخدمة إلى ال أرسمالية هي التحول الداخلي القتصاد المال ك العقاريين االقطاعي. وهكذا فإن مجمل النظام الز ارعي للدولة يصبح أرسماليا لكنه يحتفظ بخصائص اقطاعية لفترة طويلة من الزمن. واما أن ينهار اقتصاد مال ك االرض القديم بفعل الثورة التي تدمر كافة مخلفات القنانة وفي مقدمتها ملكية االرض الكبيرة. هنا تكون قاعدة االنتقال النهائي من العمل-الخدمة إلى ال أرسمالية هي التطور الحر لإلنتاج الفالحي الصغير وقد تلقى دفعا كبي ار نتيجة 8
مصادر و م ازرع المالك العقاريين لمصلحة الفالحين. وهكذا تغلب ال أرسمالية على كامل النظام الز ارعي ذلك أنه بقدر ما يتم تصفية مخلفات القنانة تصفية نهائية بقدر ما تتسارع وتيرة عملية تمايز الفالحين. وبعابرة أخرى إما المحافظة أساسا على الملكية العقارية وعلى المرتك ازت الرئيسية للبناء الفوقي القديم وبالتالي الدور الغالب للبرجوازيين والمالك العقاريين ذوي االتجاه الملكي-الليب ارلي واالنحياز السريع للفالحين إلى جانبهم وتدهور أوضاع الجماهير الفالحية المنزوعة الملكية على نطاق واسع ال ارزحة اضافة لذلك تحت نير هذا النوع أو ذاك من مقترحات الكاديت ]4[ بصدد استردادات األ ارضي المسحوقة والمتبلدة بفعل طغيان الرجعية حيث ينفذ هذه الثورة البرجوازية سياسيون من ط ارز االكتوبريين ]5[. واما تدمير نظام مالك اال ارضي وكل الركائز الرئيسية ل البناء الفوقي 9 القديم المقابل له وطغيان دور البروليتاريا والجماهير الفالحية مع تحييد للبرجوازية المترددة والمعادية للثورة ومع اسرع تطور للقوى االنتاجية على اسس ر أسمالية وأكثر انفالتا من القيود في ظل افضل الظروف للجماهير العمالية والفالحية التي يمكن تصورها في مرحلة االنتاج البضاعي-وبالتالي توفير الظروف االكثر مواءمة لكي تنجز الطبقة العاملة الحقا مهمتها األصلية األساسية مهمة اعادة بناء المجتمع على اسس اشت اركية. وبالطبع يمكن أن تقوم خالئط متنوعة إلى ما النهاية تضم عناصر من هذا أو ذاك النمط من التطور ال أرسمالي ووحدهم المتحذلقون الذين ال ي رجى منهم اي خير هم الذين يعملون على حل القضايا المخصوصة والمعقدة الناشئة بمجرد االستشهاد بهذا ال أري لماركس او ذاك بصدد حقبة تاريخية أخرى. الد ارسة الحالية الموضوعة بين ايدي الق ارء مكرسة لتحليل اقتصاد روسيا قبل الثورة. خالل الحقبة الثورية تسير الحياة في البلد المعني بسرعة وفجائية يستحيل معهما تعيين النتائج االساسية للتطور االقتصادي في لهيب الص ارع السياسي. أما امثال ستوليبين ]6[ من جهة والسادة الليب ارليين من جهة ثانية )ليس أعضاء الكاديت من اتباع ستروفه ]7[ وانما الكاديت عموما( فإنهم يعملون بانتظام وبدأب وثبات النجاز الثورة وفق الصيغة االولى. ان انقالب حزي ارن/يونيو 3 1907 ]8[ الذي شهدناه مؤخ ار يشكل انتصا ار للردة المضادة لثورة الساعية لضمان الغلبة الكاسحة للمالك العقاريين فيما يسمي الهيئة التمثيلية للشعب الروسي. وأما إلى أي مدى سيطول أمد هذا االنتصار فتلك مسألة أخرى. ذلك أن النضال مستمر من اجل مخرج آخر للثورة. انه المخرج الذي تسعى اليه البروليتاريا وأيضا أوسع جماهير الفالحين بهذا القدر او ذاك من التصميم والثبات والوعي. ومهما حاولت الردة المضادة للثورة خنق النضال الجماهيري المباشر بواسطة العنف األرعن مهما سعى الكاديت لخنقه بواسطة افكارهم الحقيرة والمنافقة والمعادية للثورة فان هذا النضال يندلع مرة هنا ومرة هناك بالرغم من كل شيء ويترك بصماته على سياسة االح ازب الشعبوية العمالية رغم أن االوساط العليا من السياسيين البرجوازيين الصغار ملوثة دون شك )وخاصة االشت اركيون الشعبيون و العماليون -الترودوفيك ]9[( بروح الغدر الكاديتية والمولشالينية ]10[ والغرور الذي يميز أشباه المثقفين المعتدلين والمتشبثين بالشكليات. أو البرق ارطيين كيف سينتهي هذا النضال ما هو مآل هذا االستهالل للثورة الروسية االجابة مستحيلة حاليا. ولهذا فان الوقت لم يحن بعد للقيام بم ارجعة دقيقة لهذه الد ارسة )اضافة لكون المهام الحزبية المباشرة لمساهم في حركة الطبقة العاملة ال تترك الوقت لذلك( ]11[(. ولم يكن بمستطاع الطبعة الثانية أن تتجاوز حدود تشخيص االقتصاد الروسي قبل الثورة. لذا فقد اكتفى المؤلف بم ارجعة النص وتنقيحه فضال عن ادخال االضافات األكثر الحاحا بناء على آخر المعطيات االحصائية: كالمعطيات االخيرة لتعداد األحصنة واحصائيات المواسم الز ارعية وعائدات التعداد السكاني للعام 1897 والمعطيات الجديدة عن االحصائيات المعملية الخ. تموز/يوليو 1907 المؤلف احاالت مقدمة الطبعة الثانية ] 1 [-صدرت الطبعة الثانية من تطور ال أرسمالية في روسيا في العام 1908. وقد اجرى عليها لينين عدة تصحيحات واضافات اعتمادا على آخر المعطيات االحصائية. وكانت تجربة الثورة الروسية االولى 1907 قد اكدت كليا تشخيص لينين - 1905
القائل ان الماركسيين الشرعيين هم برجوازيون ليب ارليون يتسترون و ارء قناع الماركسية ويحاولون استخدام حركة الطبقة العاملة لصالح البرجوازية. ولم يكف لينين عن اج ارء التعديالت على كتابه بعد ظهور الطبعة الثانية عام 1908. اما عن م ارجعة الكتاب كليا كما هو وارد في هذه المقدمة واضافة جزء كامل عن نتائج ثورة 1905 فقد حققها لينين جزئيا في العديد من الكتابات الالحقة ومنها البرنامج الز ارعي لالشت اركية الديمق ارطية في الثورة الروسية األولى - 1905 1907 -المترجم-. ]2[- من قصيدة للشاعر األلماني الكبير هنريتش هايني وكان صديقا لماركس المترجم -. ] 3 [-نسبة إلى اليونكرز.Junkers وهم طبقة مالك األ ارضي البروسيين )األلمان(. وقصد لينين االشارة إلى نمط من االنتقال المتدرج لل أرسمالية على غ ارر ما حصل في العديد من الدور األوروبية باستثناء فرنسا )وعلى األخص المانيا وانكلت ار(. فإذا كان تطور ال أرسمالية في المانيا عزز الملكية االقطاعية لألرض القاعدة االقتصادية لسلطة اليونكرز- إال انهم استمروا بصفتهم فئة حاكمة لصالح البرجوازية تعتاش على حساب الدولة بشكل خاص. ويقدم انغلز تحليال ثاقبا لهذه الظاهرة في كتابه دور العنف في التاريخ حيث يقول ان التطور ال أرسمالي اذا كان سلب اليونكرز امتيا ازتهم االقطاعية كأف ارد إال انهم مثلهم كمثل االرستق ارطية البريطانية- احتفظوا بالسلطة كفئة من خالل سيطرتهم على القضاء والشرطة واإلدارة الريفية. وهكذا فقد احتفظوا تحت تسميات عصرية بكافة مواقع القوة الرئيسية التي لم يعد بامكانهم السيطرة عليها على األساس االقطاعي القديم )انغلز دور العنف في التاريخ الترجمة اإلنكليزية لندن 1968 ص 105(. وابرز ممثلي اليونكرز بسمارك األمير الينكر البروسي الذي يدفعه حسه التجاري احيانا إلى كبت نوازعه اليونكرية )انغلز ص 56( والذي حقق رغبات البرجوازية األلمانية ولكن رغما عنها اذ تصدى لمطالبها وتطلعاتها البرلمانية لكنه اندفع في المقابل إلى تحقيق مطامحها في التوحيد القومي )انغلز ص - 61 63 (-المترجم- ] 4 [-الكايدت اعضاء الحزب الدستوري الديمق ارطي الحزب الرئيسي للبرجوازية االمبريالية الروسية. تأسس في تشرن األول/اكتوبر 1905 وضم ممثلين عن البرجوازية الليب ارلية-المل كية وموظفي الزييمستوفات والمثقفين البرجوازيين الذين يستخدمون العبا ارت الخادعة عن الديمق ارطية إلخفاء آ ارئهم الحقيقية ولخطب ود الفالحين. ويتحدث برنامج الكاديت الز ارعي عن امكانية توزيع قسم من الم ازرع الكبيرة على الفالحين على اساس مدفوعات االسترداد ولو بأثمان باهضة. وكان الكاديت يتمسكون بالنظام الملكي. وحاولوا اقناع القيصر واألسياد االقطاعيين بمشاركتهم الحكم على ان مهمتهم االساسية كانت النضال ضد الحركة الثورية. ابان الحرب العالمة األولى دافع الكاديت بحماس عن السياسية الخارجية للحكومة القيصرية القائمة على الغزو وحاولوا انقاذ النظام الملكي خالل الثورة البرجوازية الديمق ارطية في شباط/فب ارير 1917. وانتهج االعضاء الكاديت في الحكومة البرجوازية المؤقتة سياسة معادية للثورة معادة لمصالح الشعب لكنها مؤدية لالمبرياليين االمريكيين والبريطانيين والفرنسيين. وبعد انتصار ثورة اكتوبر االشت اركية الكبرى تحول الكاديت إلى ألد اعداء السلطة السوفييتية وقد شاركوا في كل األفعال المسلحة المعادية للثورة وفي حروب التدخل. وبعد هزيمة قوات التدخل والحرس األبيض هرب الكاديت خارج البالد حيث واصلوا نشاطهم المعادي للثورة وللسوفيت الناشر السوفييتي- ] 5 [-حزب األكتوبريين )أو اتحاد السابع عشر من أكتوبر( يمثل مصالح كبار ال أرسماليين الصناعيين وكبار المالك العقاريين الذين يزرعون ا ارضيهم على اسس أرسمالية. ادعى األكتوبريون تأييد بيان القيصر في 17 تشرين األول/أكتوبر 1905 عندما دفعه خوفه من الثورة إلى ان يعد الشعب بالحقوق المدنية. لكن األكتوبريين في الواقع لم يكونوا ينوون تحديد صالحيات النظام القيصري وقد محضوا كل تأييدهم للسياسية الداخلية والخارجية لحكومة القيصرية -الناشر السوفييتي- - 1906 ] 6 [-بيوتر اركادييفيتش ستوليبين أحد غالة الرجعيين الروس ت أرس مجلس الوز ارء خالل فترة 1911 يرتبط باسمه قمع ثورة - 1905 1907 وفترة الردة الرجعية السياسية العنيفة التي اعقبتها. وفي مسعى منه إليجاد ركيزة ارسخة لألوتق ارطية القيصرية في الريف عبر الكوالك عمل ستوليبين على سن قانون ز ارعي جديد. وبمقتضى مرسوم صادر في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 1906 بات يحق لكل فالح أن نحب من المشاعة القروية وبتحويل حصته 10
إلى ملكية فردية مع ما يتبع ذلك من حق في بيعها ورهنها الخ. وقد كانت هذه أمور محرمة حتى ذلك الحين. وبات من واجبات المشاعة أن تمد الفالح الذي يغادرها بقطعة ارض موحدة. وقد استغل الكوالك هذا التشريع لكي يشتروا ا ارضي الفالحين المستضعفين اقتصاديا بأسعار زهيدة. أما قوانين 14 حزي ارن/يونيو 1910 و 29 ايار/مايو 1911 فقد قضت بتوزيع ال ازمي لألرض لصالح الكوالك الناشر السوفييتي-. ] 7 [-بيوتر بيرنغاروفيتش ستروفه )1944-1870( ممثل بارز ل الماركسية الشرعية. شهد العقد األخير من القرن التاسع عشر تسامحا كبي ار من الرقابة القيصرية تجاه االدبيات الماركسية شرط أن ال تتعاطى الكتابة السياسية المباشرة ضد الحكم األوتق ارطي. وقد اعيد نشر أرس المال والبيان الشيوعي علنا كما صدرت عدة مجالت وصحف ذات نزعة ماركسية واضحة. ولكن اذا كان بعض الماركسيين وبينهم بليخانوف ولينين نفسه قد استغل هذا االنف ارج للوصول إلى أوسع عدد ممكن من الق ارء فقد نما في المقابل تيار بين الماركسيين انطلق من نقد الشعبويين ليصل إلى تمجيد ال أرسمالية وتبريرها. وهكذا فمن التحايل على الرقابة القيصرية انتقل البعض لسلب الماركسية جوهرها الثوري فحولوها إلى مجرد طالء لنزعة برجوازية مبتذلة ال غير. ومن ابرز هؤالء الماركسيين الشرعيين ستروفه الذي اجل لينين ضده في اكثر من مقال ود ارسة وك ارس. وقد صدقت توقعات لينين بصدد ستروفه عندما انتقل هذا االخير إلى رفض الماركسية كلها وانضم إلى حزب الكاديت ليصبح احد قادته المترجم- ]8[-3 حزي ارن/يونيو 1907 هو تاريخ حل مجلس دوما الدولة الثاني واصدار قانون انتخابات مجلس الدوما الثالث الذي اتى بأكثرية من المالك العقاريين وال أرسماليين. وهكذا خرق القيصر غد ار بيان 17 تشرين االول/اكتوبر 1905 فأطاح الحقوق الدستورية وأمر باعتقال الكتلة االشت اركية الديمق ارطية في الدوما الثاني الذين صدرت بحقهم احكام باألشغال الشاقة. فكان ما سمي انقالب 3 حزي ارن/يونيو بمثابة انتصار مؤقت للردة المضادة للثورة الناشر السوفييتي- ] 9 [-الحزب االشت اركي الشعبي هو انشقاق عن يمين الحزب االشت اركي الثوري عام 1906. كان يعبر عن مصالح الكوالك ويطالب بالتأميم الجزئي للم ازرع الكبيرة وتوزيعها على الفالحين وفق ما يمى مقياس العمل. دعا االشت اركيون الشعبويون إلى التحالف مع الكاديت. وكان لينين يسميهم االشت اركيين-الكاديت ويعتبر انهم بالكاد يختلفون عنهم بعد ان تخلوا عن الجمهورية وعن المطالبة بكل األ ارضي. ابرز شخصيات الحزب أ.بيشيكوتوف ن.ف.انيسكي ف.أ.مياكوتين. بعد ثورة شباط/فب ارير 1917 البرجوازية الديمق ارطية شارك الحزب االشت اركي الثوري في الحكومة البرجوازية المؤقتة. وبعد قيام ثورة اكتوبر انتقل االشت اركيون الثوريون إلى مناهضة الثورة وشاركوا في اعمال مسلحة ضدها الناشر السوفييتي- العماليون )الترودوفيك(- كتلة من الديمق ارطيين البرجوازيين الصغار في مجال دوما الدولة الروسية تتكون من الفالحين ومن المثقفين المتأثرين باألفكار الشعبوية. وقد تشكلت الكتلة العمالية في نيسان/ابريل 1906 من النواب الفالحين لدوما الدولة االول. تتضمن مطالب الترودوفيك الغاء كل التقييدات المرتكزة إلى الم ارتب االجتماعية أو القومية واإلصالح الديمق ارطي للزييمستوفات وهيئات الحكم المحلية المدينية وباالقت ارع العام النتخابات دوما الدولة. اما برنامجهم الز ارعي فكان ينطلق من المبدأ الشعبوي من االستخدام المتساوي لألرض: انشاء صندوق قومي يتكون من أ ارضي الدولة والعائلة المالكة والقيصر نفسه واألديرة والم ازرع الخاصة التي تفوق مقياس العمل المعتمد مع االق ارر بضرورة التعويض في حالة مصادرة الم ازرع الخاصة. في مجلس الدوما كان الترودوفيك يتذبذبون بين الكاديت والبالشفة بسبب الطبيعة الطبقية ذاتها لفالحين الذين هم مالك صغار. وقد حاول البالشفة الوصول إلى اتفاقات معهم حول قضايا محددة بغرض خوض معركة مشتركة ضد الكاديت والنظام القيصري. عام 1917 انضمت كتلة الترودوفيك إلى الحزب االشت اركي الشعبي الناشر السوفييتي-. 11
] 10 [-مولشالينية- السوفييتي-. م اردفة للتملق الذليل والتزلف. على اسم مولشالين شخصية في احدى مسرحيات غريبوييدوف الناشر ] 11 [-ان مثل هذه الم ارجعة قد تتطلب ملحقا بالكتاب الحالي. وفي ذلك الحال ال بد من ان يقتصر الجزء االول على تحليل االقتصاد الروي قبل الثورة بينما يخصص الجزء الثاني لد ارسة انجا ازت ونتائج الثورة )مالحظة لينين(. 12
الفصل األول: األخطاء النظرية عند االقتصاديين الشعبويين السوق مقولة من مقوالت االقتصادي البضاعي الذي يتحول إلى اقتصاد أرسمالي خالل تطوره. وال يحقق االقتصاد البضاعي سيطرته الكاملة الشاملة إال في ظل االقتصاد ال أرسمالي. لذا فإن د ارسة الموضوعات النظرية األساسية المتعلقة بالسوق الداخلية تتطلب البدء باالقتصاد البضاعي البسيط ومتابعة تحوله التدريجي إلى اقتصاد أرسمالي. 1- قسمة العمل االجتماعية إن قسمة العمل االجتماعية تكمن في اساس كل اقتصاد بضاعي. تنفصل الصناعة االنتاجية عن صناعة استخ ارج المواد األولية ثم تنقسم كل منهما إلى صناعات فرعية متنوعة ومتعددة تنتج منتجات معينة بوصفها سلعا معدة للبيع ويجري تبادل هذه المنتجات لقاء منتجات باقي الصناعات. وهكذا يؤدي تطور االقتصاد البضاعي إلى ت ازيد عدد الفروع الصناعية المنفصلة والمستقلة. ويتجه هذا التطور نحو انف ارد فرع خاص من الصناعة بإنتاج منتوج واحد أو حتى جزء من هذا المنتوج ال بل يصل إلى درجة التخصص في عملية واحدة من مجمل عمليات اعداد منتوج واحد لالستهالك. في ظل االقتصاد الطبيعي كان المجتمع يتألف من مجموعة من الوحدات االقتصادية المتاجنسة )اسر فالحية ذات تركيب عشائري-بطريكي تجمعات قروية بدائية م ازرع اقطاعية(. وكانت كل واحدة من هذه الوحدات تتعاطى كافة اشكال النشاط االقتصادي من استخ ارج المواد األولية المختلفة إلى وضع اللمسات االخيرة على المنتوج قبيل استهالكه. اما في ظل االقتصاد البضاعي فتظهر وحدات اقتصادية متغايرة ويتكاثر عدد الفروع االقتصادية المستقلة بينما يتقلص عدد الوحدات االقتصادية التي تتعاطى وظيفة اقتصادية واحدة وثابتة. ويشكل هذا النمو المطرد لقسمة العمل االجتماعية العامل الرئيسي في مسار تكوين ال أرسمالية لسوقها الداخلية. يقول ماركس: حيث يكون االقتصاد البضاعي هو األساس وحيث يبلغ هذا االقتصاد شكله المطلق في ظل االنتاج ال أرسمالي- تصبح المنتجات سلعا او قيما انتفاعية تملك قيمة تبادلية يجب تحقيقها أي يجب تحويلها إلى عملة بالقدر الذي تكون فيه المنتجات األخرى مساوية لها اي بالقدر الذي تواجهها منتجات أخرى بما هي سلع وقيم. وال تتحول هذه المنتجات بدورها إلى سلع وقيم إال إذا هي تحولت من مورد عيش مباشر للمنتجين انفسهم إلى سلع أي إلى منتجات اصبحت قيما اجتماعية ألنها تحولت إلى قيم تبادلية )إلى عملة( إي إذا هي تشيأت. وتنمو سوق هذه السلع من خالل قسمة العمل االجتماعية ذلك أن قسمة النشاطات االجتماعية تؤدي إلى تحويل منتجاتها إلى سلع إلى اشياء متكافئة فيما بينها فيصبح كل نشاط انتاجي سوقا لسائر النشاطات االنتاجية )كارل ماركس أرس المال المجلد الثالث الطبعة األلمانية الجزء الثاني ص - 177 178( ]1[. وغني عن القول أن انفصال الصناعة االنتاجية عن صناعة استخ ارج المواد األولية وانفصال الصناعة عموما عن الز ارعة يحوالن الز ارعة نفسها إلى صناعة اي إلى فرع اقتصادي ينتج السلع. والواقع أن عملية التخصص هذه التي تحقق استقالل مختلف منوعات االنتاج بعضها عن بعض تظهر ايضا في الز ارعة. فتولد المناطق الز ارعية المتخصصة )ومعها االنظمة الز ارعة المتخصصة هي ايضا( وال تؤدي إلى نشوء التبادل بين المنتجات الز ارعية والمنتجات الصناعية وحسب بل تؤدي إلى التبادل بين المنتجات الز ارعية نفسها ايضا. ثم ان عملية التخصص هذه في الز ارعة التجارية )وال أرسمالية( تتجلى في جميع االقطار ال أرسمالية وعلى صعيد قسمة العمل الدولية. وينطبق ذلك ايضا على روسيا في حقبة ما بعد اإلصالح كما سوف نبين بالتفصيل الحقا. 13
وهكذا فان قسمة العمل االجتماعية هي االساس في كل عملية تحول االقتصاد البضاعي إلى اقتصاد أرسمالي. ولذا فمن الطبيعي أن يكون المنظ رون الشعبويون الذين يعتبرون هذه العملية من نتاج اج ارءات اصطناعية او من نتاج االنح ارف عن الص ارط المستقيم وما شابه- قد حاولوا التعتيم على واقع قسمة العمل االجتماعية في روسيا أو هم على األقل حاولوا التقليل من اهميتها. ففي مقالة بعنوان قسمة العمل الز ارعية والصناعية في روسيا )فيستنيك ييفروبي ]الرسول األوروبي[ 1884 العدد 7( ينكر السيد فورونتسوف سيادة مبدأ قسمة العمل االجتماعية في روسيا )ص 347( ويعلن ان قسمة العمل االجتماعية في بلدنا لم تولد من اعماق حياة الشعب وانما حاولت أن تفرض نفسها عليها من الخارج )ص 338(. اما السيد دانيالسون فانه يحاجج في كتابه مقاالت حول زيادة كمية الحبوب المعروضة للبيع ويقول: قد تعني هذه الظاهرة توزيع محصول الحبوب بعدالة أكبر بين انحاء البلد المختلفة بحيث يصبح بمقدور الصياد في آركنجيل ان يستملك حبوب ساما ار في الوقت الذي يضيف فيه الم ازرع في ساما ار سمك اركنجل إلى وجبة طعامه. والحقيقة أن ال هذا وال ذاك يحصل فعال. ) مقاالت عن اقتصادنا االجتماعي بعد اإلصالح سان بطرسبرغ 1893 ص 37(. وهكذا يجري الجزم بفظاظة بأنه ال توجد قسمة عمل اجتماعية في روسيا دون االتكال إلى اية معطيات وعلى العكس مما تؤكده كافة الوقائع المتوافرة. والواقع ان النظرية الشعبوية حول اصطناعية ال أرسمالية في روسيا ما كان بإمكانها ان تقوم إال برفض حجر ال ازوية في كل اقتصاد بضاعي أي قسمة العمل االجتماعية- اي باعتبار هذه العملية عملية اصطناعية. نمو عدد السكان العاملين في الصناعة على حساب العاملين في الز ارعة -2 نظ ار ألن الحقبة السابقة على ظهور االقتصاد البضاعي تشهد اندماج الصناعة االنتاجية مع صناعة استخ ارج المواد األولية مثلما تشهد غلبة الز ارعة على الصناعة فان تطور االقتصاد البضاعي يعني انفصال فروع صناعية متتالية عن الز ارعة. والواقع ان بلدا لم يحرز فيه االقتصاد البضاعي تقدما ملحوظا )أو ينعدم فيه االقتصاد البضاعي أصال( هو بلد يعيش جميع سكانه تقريبا على الز ارعة. ولكن ذلك ال يعني ان السكان يتعاطون الز ارعة وحدها وال شيء سواها. بل يعني فقط ان السكان العاملين في الز ارعة يتولون ايضا تصنيع المنتجات الز ارعية وان التبادل وقمة العمل االجتماعية معدومان تقريبا. وبالتالي فان تطور االقتصاد البضاعي يعني بالضرورة انفصال عدد مت ازيد من السكان عن الز ارعة اي زيادة عدد السكان العاملين في الصناعة على حساب العاملين في الز ارعة: من طبيعة ال أرسمالية انها تؤدي دوما الى امخفاض عدد السكان العاملين في الز ارعة بالقياس الى عدد السكان العاملين في القطاعات االخرى. والسبب في ذلك ان ازدياد أرس المال الثابت في الصناعة )بالمعنى األضيق للكلمة( على حساب أرس المال المتغير يسير جنبا الى جنب مع االزدياد المطلق في أرس المال المتغير رغم انخفاضه النسبي. اما في الز ارعة من جهة ثانية فان أرس المال المتغير المطلوب الستثمار قطعة ارض معينة ينخفض انخفاضا مطلقا وال يرتفع ال بز ارعة قطعة ارض جديدة. لكن ذلك بدوره يفترض نموا مت ازيدا في عدد السكان العاملين في الز ارعة ( أرس المال المجلد الثالث الجزء الثاني ص 177(. وهكذا فال يسعنا ان نتصور وجود ال أرسمالية بدون نمو في عدد السكان العاملين في التجارة والصناعة على حساب العاملين في الز ارعة. وكلنا يعلم ان هذه الظاهرة تبرز بأوضح معالمها في كل البلدان ال أرسمالية دون استثناء. ومن البديهي القول ان هذه الظاهرة بالغة األهمية بالنسبة لمسألة السوق الداخلية ألنها مرتبطة اوثق االرتباط بتطور الصناعة والز ارعة في آن معا. والواقع ان نشوء وتكاثر الم اركز الصناعية وانجذاب السكان اليها هما من التطو ارت العميقة التأثير في حياة الريف بكافة جوانبها والتي تؤدي بالضرورة إلى نشوء الز ارعة التجارية وال أرسمالية. 14
والملفت للنظر حقا ان دعاة االقتصاد الشعبوي يتجاهلون هذا القانون تجاهال كامال في نقاشاتهم النظرية البحتة كما في نقاشاتهم حول ال أرسمالية في روسيا )وسوف ننظر مطوال في التعبي ارت العينية عن هذا القانون في الفصل الثامن من هذا الكتاب(. ان نظريات السيدين فورونتسوف ودانيالسون حول السوق الداخلية لل أرسمالية تتجاهل تفصيال صغي ار أال وهو تحول السكان من الز ارعة إلى إلى الصناعة وأثر هذا التحول على الز ارعة نفسها. 3- خ ارب المنتجين الصغار لقد اقتصرت معالجتنا حتى اآلن على االنتاج البضاعي البسيط. وال بد من االنتقال اآلن إلى االنتاج ال أرسمالي اي ال بد من االفت ارض اننا لم نعد امام منتجي السلع البسطاء وانما بتنا أمام مالك وسائل االنتاج من جهة والعمال المأجورين الذين يبيعونه قوة عملهم من جهة ثانية. ان تحول المنتج الصغير إلى عامل ماجور يعنيي انه بات محروما من ملكية وسائل االنتاج - األرض األدوات المحتر ف الخ- مفقر أي انه منكوب. وهناك وجهة نظر تقول ان هذا االنهيار يخفض القدرة الش ارئية لدى السكان ويؤدي بالتالي إلى التقليص من رقعة السوق الداخلية لل أرسمالية )السيد دانيالسون ويشاركه السيد فورونتسوف ال أري في معظم كتاباته(. لسنا بصدد معالجة المعطيات الواقعية المتعلقة بهذه العملية في روسيا. فهذا ما سوف نضلطع به في فصول الحقة. فالمسألة مطروحة هنا على صعيد نظري بحت. أي انها تتعلق باإلنتاج البضاعي عامة إبان تحوله إلى انتاج أرسمالي. ويطرح الكاتبان المسألة على صعيدها النظري أيضا اي انهما يستدالن على تقلص السوق الداخلية من خ ارب المنتجين الصغار. وهذا أري مغلوط جملة وتفصيال. الشعبويين. ويتناسى اصحاب هذا ال أري ان االنتاج هذه إلى أيد أخرى وتحولها إلى وهو ال يجد تفسير استم ارره العنيد في كتابات اقتصاديينا ال في استم ارر التسربات الرومانطيقية لدى تحرير أرسمال. وهذا قسم من المنتجين من ملكية وسائل االنتاج يعني بالضرورة انتقال وسائل يعني بالتالي أن المالكين الجدد لوسائل االنتاج باتوا ينتجون السلع فيما كان المنتجون المباشرون سابقا ينتجون المنتجات المعدة الستهالكهم المباشر اي ان المالكين الجدد يساهمون في توسيع رقعة السوق الداخلية وليس العكس. وأخي ار فان تحرير قسم من المنتجين من ملكية وسائل االنتاج يعني ان المالكين الجدد في زيادتهم لإلنتاج انما يزيدون الطلب في السوق على األدوات الجديدة والمواد األولية ووسائط النقل وسواها كما يزيدون الطلب على السلع االستهالكية )ألن نمو ثروة المالكين يفترض بالضرورة زيادة استهالكهم(. ويتناسى اصحاب الر أي المثبت اعاله ايضا أن السوق ال تأبه لخير المنتج وانما الذي يعنيها اوال بأول هو مدى ما يملكه هذا المنتج من مال. والواقع ان تدهور مستوى الفالح البطريريكي )العشائري( ]2[- وهو الذي كان يعيش سابقا على االقتصاد الطبيعي- ال يتعارض اطالقا مع ت ازيد كمية المال المتوافرة لديه. فبقدر ما تزداد احواله ترديا تزداد حاجته إلى بيع قوة عمله وبذاك القدر ايضا تتعاظم تلك الحصة من موارد عيشه )الشحيحة أصال( التي يتوجب عليه ش ارؤها من السوق. مع تحرير قسم من السكان العامليين في الز ارعة )من ملكيتهم لألرض( تتحرر أيضا مواردهم الغذائية ويتحولون إلى عناصر مادية مكو نة ل أرس المال المتغير )أي لذلك القسم من أرس المال المخصص لش ارء قوة العمل(.)776 ( أرس المال المجلد األول ص - ان مصادرة أمالك قسم من سكان الريف واجالئهم عن أرضهم ال يؤديان إلى تفريغ الكادحين للعمل في خدمة أرس المال الصناعي وحسب وانما أيضا إلى نشوء السوق الداخلية )كارل ماركس المصدر ذاته ص 778(. وهكذا فعلى الصعيد النظري المحض نرى أن خ ارب المنتجين الصغار في مجتمع ينمو فيه االقتصاد البضاعي وال أرسمالي يؤدي إلى نمو السوق الداخلية ال إلى تقلصها كما يريد السيدان فورنتسوف ودانيالسون. واذا كان السيد دانيالسون نفسه الذ يعلن انطالقا من افكاره المسبقة ال غير ان خ ارب المنتجين الروس الصغار يؤدي إلى تقلص السوق الداخلية- ال يتوانى عن 15
االستشهاد بنصوص ماركس اآلنفة الذكر فانما ذلك يثبت قطعا قدرة هذا المؤلف الفائقة على أن يضحك على نفسه بواسطة استشهادات من كتاب أرس المال! 4- نظرية الشعبويين عن استحالة تحقق فضل القيمة المسألة التالية في نظرية السوق الداخلية يمكن صياغتها كما يلي: نعلم أن قيمة المنتوج في االنتاج ال أرسمال تنقسم إلى ثالثة أج ازء: )أ( الجزء األول يحل محل أرس المال الثابت أي تلك القيمة التي كانت موجودة أصال )على شكل مواد اولية ومواد ثانوية مساعدة وآالت وأدوات انتاج وما شابه( والتي أعيد انتاجها في قسم من اقسام المنتوج الجاهز )ب( الجزء الثاني يحل محل ارس المال المتغير أي يغطي أكالف اعالة العمال )ج( الجزء الثالث أخير ا هو فضل القيمة الذي يستحوذ عليه رب العمل ال أرسمالي. واذ طرحنا المسألة من منظار السيدين دانيالسون وفورونتسوف فإن تحقق أول جزئين )أي ايجاد مقابل لهما في السوق بيعهما في السوق( ال يثير أية مشكلة. ألن الجزء األول ينخرط في االنتاج بينما ينخرط الثاني في استهالك الطبقة العاملة. ولكن كيف يتحقق الجزء الثالث كيف يتحقق فضل القيمة اذ ال يعقل أن يستهلكه ال أرسماليون كله! هنا يخلص اقتصاديونا إلى ان المخرج من هذا المأزق - مأزق تحقق فضل القيمة- هو السيطرة على األسواق الخارجية. ويفسر المؤلفان اآلنفا الذكر حاجة ال أرسمالية إلى أسواق خارجية بالقول ان ال أرسماليين ال يستطيعون تحقيق منتجاتهم بوسائل أخرى ويد عيان ان السوق الداخلية في روسيا آخذة بالتقلص بسبب خ ارب الفالحين واستحالة تحقيق فضل القيمة بدون اللجوء إلى أسواق خارجية. ولما كانت هذه االسواق مقفلة في وجه بلد فتي سلك متأخ ار طريق التطور ال أرسمالي يعلن السيدان دانيالسون وفورونتسوف ان ال أرسمالية طفلة وليدة في روسيا ال يرتكز نموها وتطورها إلى اي أساس فعلي. وهذا زعم يقوم على االفت ارضات المسبقة المغلوطة نظريا أصال! عندما يطرح السيد دانيالسون آ ارءه حول نظرية التحقق فانه يفكر طبعا بنظرية ماركس حول الموضوع نفسه )علما بأنه ال يشير ولو بكلمة واحدة إلى ماركس في هذا الجزء من مؤلفاته(. غير ان يسجل الفشل الذريع في فهم هذه النظرية ويتعمد تشويهها كليا كما سنثبت بعد قليل. وهذا ما يفسر لماذا تأتي افكاره مطابقة كليا ألفكار السيد فورونتسوف الذي يستحيل اتهامه بعدم استيعاب نظرية ماركس ألن مجرد اتهامه باإللمام بالقضايا النظرية هو ذروة الغبن تجاهه! ويعرض كل من الكاتبين نظرياته وكأنه أول من عالج المسألة وتوصل إلى حلول معينة لها من تلقاء نفسه. لذا فهو يتجاهل بكل بساطة محاججات االقتصاديين الكالسيكيين حول المسألة نفسها ويكرر االخطاء القديمة التي دحضها ماركس في الكتاب الثاني من تحقق المنتوج إلى مجرد مسألة تحقق فضل القيمة فيتصور بالطبع أن تحقق أرسمال أرس المال. ويحو ل كل منهما مسألة الثابت ال يثير أي اشكال. وينطوي هذا ال أري الساذج على خطأ فادح هو مصدر جميع االخطاء الالحقة في نظرية التحقق عند الشعبويين. والحقيقة أن الصعوبة في تفسير التحقق هي بالضبط الصعوبة في تفسير تحقق أرس المال الثابت. فلكي يتحقق أرس المال الثابت ال بد من اعادته لدورة اإلنتاج وهذا أمر قابل للتطبيق عمليا فقط في حالة ذلك القسم من أرس المال المخصص إلنتاج وسائل االنتاج. اما اذا كان المنتوج الذي يحل محل أرس المال الثابت مكونا من سلع استهالكية فانه يتعذر اعادته مباشرة إلى وحدة اإلنتاج ويصبح المطلوب قيام تبادل بين مجال االنتاج االجتماعي الذي ينتج وسائل االنتاج وبين مجال االنتاج االجتماعي الذي ينتج وسائل االستهالك. هنا تكمن كل صعوبة المسألة وهي صعوبة يغفلها السادة االقتصاديون. فالسيد فورونتسوف يعرض المسألة عموما وكأن الهدف من االنتاج ليس الت اركم وانما هو االستهالك. ويقدم حجة عميقة تقول انه يتدفق إلى أيدي القلة كمية من االشياء المادية التي تفيض عن القوة االستهالكية للمجتمع المعني باألمر )كذ!( في مرحلة معينة من تطوره )ص 149( ويضيف قائال ليس اعتدال الصناعيين وال تقتيرهم هو السبب في فيض المنتجات وانما السبب مرونته )!!( التي تعجز عن زيادة قوته االستهالكية بنسبة نمو فضل القيمة )ص 161(. كامن في حدود المجتمع البشري والنقص في 16
ويحاول السيد دانيالسون طرح القضية وكأنه يرفض االعت ارف بأن االستهالك هو هدف النتاج ال أرسمالي وكأنه ي ارعي دور وداللة وسائل االنتاج فيما يتعلق بقضية التحقق. والحقيقة أنه ال يملك فكرة واضحة اطالقا عن عملية تداول أرس المال االجمالي واعادة إنتاجه مما يؤدي به للسقوط في شبكة من التناقضات المستعصية. لن نتوقف هنا لمعالجة هذه التناقضات بالتفصيل فتلك مهمة نك ارء )اضطلع بها جزئيا السيد بولغاكوف في 17 كتابه األسواق في ظل اإلنتاج ال أرسمالي موسكو 1897 ص - 237 245( انما يكفي ان ننظر في الخالصة االخيرة القائلة بأن السيطرة على األسواق الخارجية هي المخرج من مأزق تحقق فضل القيمة إلثبات عدالة تقييمنا لحجج السيد دانيالسون. فهذه الخالصة )والتي هي مجرد تك ارر لخالصة السيد فورونتسوف( تثبت بما ال يفسح مجاال للشك انه ال يفقه شيئا من تحقق المنتوج في المجتمع ال أرسمالي )أي نظرية السوق الداخلية( كما انه ال يفقه شيئا من دور السوق الخارجية. وهل توجد ذرة من الحس السليم في هذا االقحام للسوق الخارجية في مسألة التحقق ان مسألة التحقق هي مسألة البحث لكل جزء من المنتوج ال أرسمالي عن ذلك الجزء الذي يقابله من المنتوج الذي يحل محله في السوق أكان ذلك على صعيد القيمة ( أرس مال ثابت أرس مال متغير فضل القيمة( أم على صعيد الشكل الماد )وسائل إنتاج مواد استهالكية وعلى االخص الضروريات والكماليات(. ومن الواضح انه يجب استبعاد التجارة الخارجية عند بحث هذه المسألة ألن اقحامها في البحث ال يساعدنا على التقدم قيد شعرة على طريق حل المسألة ال بل انه يعود بنا أشواطا إلى الو ارء اذ يوسع نطاق المسألة ليشمل عدة بلدان بعد ان كان محصو ار في بلد واحد. والواقع أن السيد دانيالسون نفسه الذي اكتشف ان التجارة الخارجية هي المخرج من مأزق تحق فضل القيمة يجادل حول األجور مثال على النحو التالي: اذا اخذنا ذلك الجزء من الناتج السنوي الذي يحصل عليه المنتجون المباشرون على شكل أجور )ص 203(. فإن الجزء من هنا يثور السؤال: كيف يدري هذا العال م االقتصادي أن المطلوبتين لتحقيقها أي المعاشات- أي العمال- المعاش الذي يجري اقتطاعه من التداول يساوي من حيث القيمة اجمالي األجور المدفوعة أرسماليي بلد معين سوف ينتجون المعاشات ]3[ بنفس الكمية ونفس القيمة بواسطة األجور وما الذي يؤكد له انه باإلمكان االستغناء عن السوق الخارجية في هذا الصدد ال يمكنه أن يعلم سلفا أيا من هذا كله بالطبع. وكل ما قام به هو مجرد اهمال قضية السوق الخارجية. ألن المهم في معرض مناقشة تحقق أرس المال المتغير هو استبدال جزء من المنتوج بجزء آخر وليس على االطالق مناقشة ماذا كانت عملية االستبدال هذه تتم في بلد واحد أو أكثر. لكن صاحبنا ينحرف عن هذه الفرضية األساسية عند بحثه فضل القيمة وبدال من ان يساهم في حل المسألة يهرب منها بالحديث عن السوق الخارجية. ان بيع المنتوج المعين في السوق الخارجية نفسها امر يحتاج إلى تفسير أي إلى البحث عن مقابل لذلك الجزء من المنتوج الذي تم بيعه والبحث عن جزء آخر من المنتوج ال أرسمالي الذي سيحل محل األول. لهذا السبب بالذات يقول ماركس أنه يمكن إغفال السوق الخارجية والتجارة الخارجية اغفاال كليا الخارجية في تحليل قيمة المنتجات التي يعاد انتاجها سنويا ال يساهم للمسألة أو اية مساهمة نحو حلها ( أرس المال المجلد الثاني ص 469(. عند البحث في مسألة التحقق ألن اقحام التجارة إال في المزيد من البلبلة دون ان يقدم أي عنصر جديد أما السيدان فورونتسوف ودانيالسون فكل منهما يتصور انه يقدم تقدي ار عميقا لتناقضات ال أرسمالية عندما يشير إلى صعوبات تحقق فضل القيمة. والحقيقة انه يقدم تقدي ار بالغ السطحية لهذه التناقضات ألن الذي يتحدث عن صعوبات التحقق وعن األزمات الناتجة عن هذه الصعوبات يجب عليه أن يعترف بأن هذه الصعوبات ليست ممكنة وحسب لكنها ضرورية ايضا لكافة أج ازء المنتوج ال أرسمالي وليس لفضل القيمة وحده. وتظهر مثل هذه الصعوبات دائما بسبب التفاوت في توزيع فروع االنتاج المختلفة ليس في مجال تحقق فضل القيمة وحسب بل وأيضا في مجال تحقق أرس المال المتغير و أرس المال الثابت وهي تظهر دائما في
عملية تحق المنتوج الموجود على شكل مواد استهالكية او في عملية تحق المنتوج الموجود على شكل وسائل انتاج. فبدون مصاعب من هذا النوع وما تجره هذه المصاعب معزولون يقدمون بضائعهم لسوق عالمية يجهلونها. من أزمات ال يمكن أن يوجد انتاج 18 أرسمالي أي انتاج يقوم به منتجون - 5 آ ارء آدم سميث في انتاج وتداول الناتج االجتماعي االجمالي في المجتمع ال أرسمالي ونقد ماركس لهذه اآل ارء لكي نفهم نظرية التحقق فهما صحيحا يجب أن نبدأ بآدام سميث. فهو الذي أرسى أسس النظرية المغلوطة حول هذا الموضوع والذي ظلت مسيطرة على االقتصاد السياسي إلى زمن ماركس. يقسم آدم سميث السلعة إلى عنصرين: أرس المال المتغير )أي الربح األجور حسب تعبيره هو( وفضل القيمة )ولما كان ال يدمج ب الريع يكون قد انتهى إلى ثالثة عناصر ثالثة بدال من اثنين(. كذلك فهو يقس م اجمالي السلع ا اجمالي الناتج االجتماعي السنوي إلى العنصرين اياهما ويحدد لهما موقعهما مباشرة في المتعهدون ومالك األرض وحسب تعبيره(. التالي: مدخول طبقتي المجتمع- العمال وال أرسماليون )أو ما هي الحجة التي يبرر فيها آدم سميث اغفاله للعنصر الثالث من عناصر القيمة اي أرس المال الثابت لم يكن بمقدور سميث أن ال يالحظ هذا العنصر لكنه افترض انه يتكون هو ايضا من أجور ومن فضل قيمة. وهو يدافع عن هذا ال أري على النحو يتكون عر الذر ة مثال من جزء ي دفع كريع لمالك األرض وجزء آخر يدفع على شكل أجور إلعالة الشغيلة والمواشي المستخدمة في اإلنتاج اما الجزء الثالث فهو ي دفع كربح للم ازرع. ويبدو أن سعر الذرة يتكون عاجال أم آجال من هذه العناصر الثالثة. وقد يعتقد البعض انه ال بد من عنصر اربع للتعويض عن تجهي ازت الم ازرع وعن اهتالك ماشيته او سواها من أدوات الز ارعة. لكن الحقيقة ان سعر أي أداة من أدوات اإلنتاج كحصان الفالحة مثال يتكون من العناصر الثالثة اياها )أي الريع والربح واألجور( ومع ان سعر الذرة قد يغطي سعر الحصان مثال مثلما يغطي إعالته فان اجمالي السعر ال بد أن ينحل عاجال أم آجال إلى العناصر الثالثة إياهأ - أي الريع والعمل والربح. ص يقول ماركس عن نظرية سميث هذه أنها مذهلة. أن االثبات عنده يتلخص في تك ارر المقولة اياها ( أرس المال المجلد الثاني 366(. ان سميث يفسر الماء بعد الجهد بالماء ( أرس المال المجلد األول ص 612(. وهو في قوله أن ثمن أدوات الفالحة نفسه ينحل إلى العناصر الثالثة إياها يتناسى أن يضيف: كما ينحل إلى ثمن وسائل االنتاج المستخدمة النتاج هذه االدوات. ان الخطأ الذي ارتكبه آدم سميث )ومن لحق به من اقتصاديين( في عزل أرس المال المتغير عن ثمن المنتوج يعود إلى فهم خاطئ للت اركم في النظام ال أرسمال اي لتوسع اإلنتاج لتحو ل فضل القيمة إلى أرس مال. وهنا أيضا يتغافل آدم سميث عن أرس المال الثابت مفترضا ان العنصر الجاري م اركمته من فضل القيمة أي الجزء الذي يجري تحويله إلى أرس مال قد استهلكه المنتجون المباشرون استهالكا كامال أي أنه قد تحو ل إلى اجور. والحال أن ذلك الجزء المت اركم من فضل القيمة يجري تحويله إلى أرس مال ثابت )أدوات إنتاج مواد أولية ومواد مساعدة( إضافة إلى تحويله إلى أجور. وينتقد ماركس وجهة نظر سميث هذه )وكذلك وجهات نظر ريكاردو وميل وآخرين( في أرس المال المجلد األول )الجزء السابع ت اركم أرس المال الفصل 22 بعنوان المفهوم المغلوط لالقتصاد السياسي حول اعادة االنتاج على نطاق متوسع باستم ارر (. ويقول )في المجلد األول ص 612( انه في المجلد الثاني من أرس المال سوف نكشف كيف أن العقيدة الجامدة آلدم سميث والتي توارثها كل الذين خلفوه منعت االقتصاد السياسي من استيعاب أبسط آليات عملية اعادة االنتاج االجتماعية. وقد ارتكب آدم سميث هذه الغلطة ألنه خلط بين قيمة المنتوج وبين القيمة الجديدة. فهذه القيمة االخيرة تنحل بالتأكيد إلى أرس مال متغير وفضل قمية بينما القيمة األولى تتضمن باإلضافة لهذا وذاك أرس المال الثابت. وقد فضح ماركس هذه الغلطة في تحليله للقيمة عندما مي ز بين العمل المجرد الذي ينتج قيمة جديدة والعمل المفيد المحدد الذي يعيد انتاج القيمة المتوافرة أصال في شكل جديد اي في شكل منتوج مفيد.